رقصة الفالس مع بشير

تحت هذا الأسم الغريب فلم  من انتاج اسرائيلي فرنسي  ألماني ( انميشن ) اثار ضجة وردود فعل مختلفة بعد عرضة عام 2008

بداية الفلم عن شخصية اسرائيلي اسمه ( بوز)  يعاني من كابوس مستمر 26 كلب تهاجمه , ويذهب ليشكي لصديق هذا الحلم المتكرر الذي يقول انه ربما يتعلق بتجربته السابقة وهي مشاركته في الحرب على لبنان واجتياح مخيم صبرا وشاتيلا عام 82 م شخصية ” بوز” الذي تعاني من الكابوس لا يتذكر اشياء كثيره عن حرب لبنان فيلجأ لزملائه في الجيش ليروي كل شخص منهم ما حدث اثناء الحرب .

الافت هو ردود الافعال حول الفلم بعضها رأت أن الفلم  منصف للعرب وأظهر معاناتهم  و بين جوانب من الجريمة التي حصلت في مخيم صبرا وشاتيلا خاصة أن الفلم  انتهى بعرض مشاهد حقيقية لضحايا المجزرة بينما يرى الطرف المعارض للفلم ان الاصل في الفلم اظهار ان الجنود الصهاينة يشعرون بالذنب وانهم هم ضحايا لاضطرارهم لخوض حروب وهم في سن صغير ومعاناتهم من عقدة الذنب وما هذا الفلم الا مجرد تطهير لشعورهم بالذنب وتلميع صورتهم لدى الغرب , وان اختيار صبرا وشاتيلا بالذات لإظهار ان هناك من هو ابشع من الصهاينة وهم حزب الكتائب المسيحية الذين اجتاحوا فعليا المخيمات وقتلوا الفلسطينيين بينما يظهر الفلم ان الجنود  اليهود مجرد متفرجين ويعلق جندي لزميله نحن  نلقي القنابل المضيئة فوق المخيمات ولكننا لا نقتل  .

من مشاهدتي للفلم لا اميل للرأي المؤيد تماما والمحتفي به ولا انا مع الرافض له جملة وتفصيلا ففي الفلم اشارات مهمة جدا فكما هناك  اشارات تبرر وتحاول تظهر العدو الصهيوني كضحية هناك اشارات تدينه .

فمن المشاهد  التي تظهر الاسرائيلي كضحية حوار  بين (بوز) و احد اصدقاءه حيث يقول له ربما هذه الكوابيس سببها ما شهدته ايام معتقلات النازية وليس بسبب حربنا على بيروت العودة باليهودي الى مربع الضحية,  ايضا اظهار ان بوز في بداية اقتحام المخيم اوكل اليه مهمة قتل الكلاب التي تحرس المخيم لأنه لا يستطيع قتل البشر اشارة الى انسانية هؤلاء الجنود الصهاينة .

لكن من الرمزيات التي وجدتها تميل لكفة انصاف العربي والفلسطيني تصوير مشهد جنود إسرائيليين بكامل عدهم وعتادهم  خائفين من الرصاص بينما يعلق احد شخصيات الفلم بينما الفلسطينيين واللبنانيين نسائهم واطفالهم يشاهدون منظر القصف وكأنهم يتفرجون على فلم سينمائي رأيت أن  هذا المشهد اعتراف بشجاعة العرب وجبن اليهود رغم اسلحتهم , قد يقرأ شخص اخر هذا المشهد  بطريقة عكسية ان المقصود أن العرب مشاعرهم  متبلدة فيخفف ذنب الاساءة لهم او ان التعذيب والتهجير قضاء مقدر لهم . أحد النقاد علق ان الفلم يظهر الجنود الإسرائيليين كأشخاص لهم مشاعرهم وانسانياتهم بينما يظهرون العرب كجماعة كطيف من البشر لا يتم التركيز على ملامحهم كأنهم شيء وليسوا كبقية البشر.

من المشاهد التي شدتني جداً  زيارة بطل الفلم  لأحد اصدقائه  المشاركين في اقتحام المخيمات اسمه (كارمي) المهاجر لهولندا فيسأله عن   ثروته الضخمة فيجيبه انه كونها من بيع (الفلافل ) لم اقرأ هذا المشهد الا رمزية ان اليهود والصهاينة تمادى سطوهم على الهوية و التراث وليس الأرض فقط.  

بكل الأحوال الفلم جدير بالمشاهدة لأن هذا النوع من الأفلام يشجع على إعادة  القراءة والبحث عن احداث مهمة مثل هذه  المجزرة فمثلاً من الأشياء المؤلمة أن  المجزرة التي ارتكبها حزب الكتائب بغطاء اسرائيلي كانت بحجة أن الفلسطينيين هم من اغتال بشير الجميل تبين بعد ذلك ان من اغتاله هو اللبناني حبيب الشرتوني الناشط بالحزب القومي السوري وصرح حبيب بانه باغتيال الجميل يطبق ما ينص عليه الدستور اللبناني القاضي بإعدام كل من يتعامل مع دولة أجنبية لتهديد الأمن الداخلي اللبناني  ,وكذلك تبين الوثائق بحسب كتاب ( اسرار الحرب اللبنانية ) لالان منيارغ أن مجزرة صبرا وشتيلا كان مخطط لها من قبل اغتيال الجميل .

اعدت مشاهدة الفلم بعد موت المجرم ارييل شارون الذي نعرف اسمه جيدا ويعرفها اهالي الشهداء والمعتقلين ولكن المهم معرفة الأسماء العربية  المتورطة في المجزرة:  فؤاد ابي ناظر الذي طالب الإسرائيليين بتزويده بجرافات ليحول مخيمات الفلسطينيين لحديقة حيوانات تنفيذ لرغبة بشير الجميل , وكذلك فادي افرام القائد العام الذي تولى تنفيذ المهمة وايلي حبيقة .

من الأمور المضحكة المبكية التي عرفتها بعد هذا الفلم الوثائقي أنه بعد المجزرة اقيم محكمة عسكرية اسرائيلية غرمت لواء الجيش الاسرائيلي 10 قروش لأنه اسيء فهم اوامره ! وسمي الحكم بقرش شدمي لشدة ما به سخرية واستخفاف بقيمة الدماء العربية .

 ويستمر الرقص مع بشير وشخصيات عربية آخرى …