من ست سنوات تقريباَ والعالم العربي يمر بأحداث كثيرة ومتتابعة ومع الوقت واحتدام الأحداث وتعقيدها في مصر وليبيا وسوريا والعراق  تراجعت أخبار فلسطين عن المشهد , بل وحتى أصبحنا نسمع  تعليقات بأن الوضع في فلسطين أفضل الآن من سوريا والعراق وأن دموية بعض القادة العرب مع شعوبهم تعدت دموية إسرائيل !! طبعاَ مع الإشارة لخطورة مثل هذا الطرح والمقارنة مهما بلغت دموية أو ظلم أي خصم مقارنته بإسرائيل وترجيح أفضلية  إسرائيل.

أيضاَ ومن قبل هذه الأحداث كانت فلسطين تحضر بالاسم فقط  في خطابات كثير من السياسيين و قادة  الحركات أصولية دينية أو يسارية  وغيرها ومن جميع إرجاء الأرض ,وأصبح الطريق إلى القدس يمر بأفغانستان وبدمشق و بإيران ويمر بأشياء كثيرة لا تؤدي للقدس بالنهاية  وكأن البوصلة تعطلت لتحدد الموقع الجغرافي  للقدس .

المحزن غير أن إخبار فلسطين تراجعت عن المشهد و أن أسم فلسطين يُستخدم  لفظاَ فقط لارتكاب جرائم والتقدم لكل أرض بدون التقدم خطوة واحدة نحو أرض فلسطين , أننا وجدنا أنفسنا فجأة نخوض نقاشات مثل إقناع  من حولنا  بأن إسرائيل احتلال والتطبيع مرفوض ! نقاشات ما كنا نظن يوم أننا سنخوضها .

المهم هنا من بين كل ما سبق ومع زحمة الأحداث والتحليلات و متابعة الحراك الشعبي لكل بلد و تعقيد التحالفات الإقليمية و الإصطفافات المستجدة كل يوم , كان سؤال يدور بذهني دائماَ من بين الآلاف المجاهدين تحت أي لواء  ابتداء من القاعدة وصولاَ لداعش الم يخرج منهم شخص واحد شخص واحد على الأقل و يتجه لفلسطين ليطبق الجهاد في أوضح أرض للصراع هل فعلاَ لصعوبة الوصول للقدس جغرافياَ و شدة  الإجراءات الأمنية أم هو صعوبة الانخراط في الجبهات والجماعات الفلسطينية المسلحة التي تحتاط كثيراً من الاختراق !.

إلى أن جاءت  الإجابة واضحة لكن سريعة خاطفة  على هيئة خبر سريع اختفى تحت ركام الأخبار الساخنة والمستجدات والصور و مقاطع الفيديو و النقاشات والمزايدات و أي كان مما يملأ فضاءك وسط متابعة الأحداث و لا يعطيك أحيانا دقيقة تفكير أو تحليل  .

الخبر كان في (سبتمبر ) عام 2014 م عن استهداف صواريخ إسرائيلية سيارة في قطاع غزة  يقودها شاب سعودي وهو سلطان الحربي الذي انشق عن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ليلتحق عبر الأنفاق بالقتال في غزة، إلى جانب الفلسطينيين،.

وأكدت الأخبار التي تناولت استشهاد الحربي أنه انشق عن (داعش) بعد مشاهدته الجرائم التي تُرتكب في المناطق التي تسيطر عليها، وبعد معايشته القتال بين الفصائل التي تدّعي أنها «جهادية». فخرج من سورية إلى تركيا، ومنها إلى مصر، ليتسلل إلى قطاع غزة , وعُرف الحربي في غزة باسم «سلمة»، وأصيب في ساقه أول أيام القصف على القطاع، كما أصيب ببعض الشظايا في رأسه، إلا أن ذلك لم يمنعه من التنقل والمشاركة في القتال، غير أنه قتل بعد استهداف سيارة كانت تقله في الشجاعية بصاروخ إسرائيلي .

استوقفني خبر موت الحربي  في غزة وقتها عام 2014م ,  ولكنه غاب كالعادة  مع كثرة الأحداث حتى عاد  إلى ذاكرتي سلطان الحربي قبل أسابيع بعد سماع خبر اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري على يد المخابرات الإسرائيلية ليعرف الجميع بعد حادثة اغتياله أن الزواري الذي لم يملئ الدنيا ضجيجاَ بشعارات عن فلسطين ولم يزايد على أحد يوما  و حتى لم نكن نعرف اسمه كان  ملتحق بصفوف كتائب القسام وعمل فيها قبل عشر سنوات، وكان “أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية” التي كان لها دور في حرب “العصف المأكول” مع إسرائيل عام 2014م .

ومن هذين الخبرين بالأعلى نجد أن خريطة فلسطين والقدس واضحة لمن أراد , وأنه ليس بالضرورة  من يملئ الدنيا ضجيج حول فلسطين و يزايد على الآخرين بالضرورة يكون قدم شيء فعلاً لفلسطين

وأنه مهما كثرت الأحداث لابد تبقى فلسطين القضية الأولى التي لا يتخلف عليها أحد . وأن من أراد ( أراد فعلاً) الوصول لها أو تقديم دعم للمقاومة يستطيع .

والدليل نماذج  كسلطان الحربي أو محمد الزواري كيف وجدوا  الطريق لفلسطين  ! وغيرهم كثير .

لا نعرفهم لأن منهجهم الفعل بعيد عن الأضواء أو الإعلام وعن نقاشات وصخب وسائل التواصل الاجتماعي .