وقعت  الثورات هذا العام  بالعالم العربي تباعاً في تونس ومصر وليبيا ولا تزال مشتعلة  بسوريا واليمن . و  كان لها تأثير كبير على جميع الأصعدة سياسية ,و اقتصادية , واجتماعية ,فخرج الخبير  الاقتصادي ليتحدث عن اثر هذه الثورات على الاقتصاد عارضاً  الأرقام والتحليلات , وخرج المفكر ليحاول تقديم قراءة للحدث ومقارنة تاريخية مع ثورات سابقه, حتى الفن: الموسيقى,والأفلام تأثرت بهذه  الثورات .

سوق الكتب أيضا تأثر بهذه الأحداث , ما كان ممنوع أصبح مسموح ودور النشر تغيرت حساباتها .

نبدأ في تونس حيث مهد الثورات ,المعروف عن تونس قوة القبضة الأمنية وكثرة الكتب الممنوعة وخاصة الدينية حتى أن بعض أصحاب دور النشر في معرض تونس الدولي للكتاب من شدة الرقابة يعتذرون عن الحضور  . أول كتاب ظهر بعد الثورة, وكان  القراء  يحجزوا نسخهم ليحصلوا عليه  كتاب بالفرنسية ” سيدة قرطاجة ” للكاتبين (نيكولا بو و غرايسي) يتحدث عن فساد  وتجاوزات( ليلى الطرابلسي)  زوجة الرئيس  . الكتاب مهم جداً وفريد   لأنه ظهر في ظل صمت غربي  عن فساد بن علي كما صرحت  مؤلفة الكتاب  الصحافية كاترين غرايسي وعلقت ” أن سبب صمت الغرب عن بن علي أنه نجح في تجفيف منابع الحركات الإسلامية في تونس”! , وَتعرض الكتاب بعهد بن علي لحظر شديد حتى المواقع الالكترونية التي تعرضه تُحجب, ومن يقتبس منه من الصحفيين يُوقف ويحاسب, ورفعت( ليلى الطرابلسي)قضية قدح وذم في فرنسا ضد الكاتبين لكن القضية  رُفضت .

 

وكذلك  بعد الثورة فُسح المجال لكتاب ” صديقنا بن علي”  لنفس الكاتب ( نيكولا بو مع جان بيير توكوا) وقد ترجم للعربية بواسطة (زياد منى) دار قدمس السورية . الكتاب يحوي كثير من الحقائق عن بن علي  وتكذيب للروايات الرسمية حول سيرته حيث ينفي الكتاب حصوله على أي مؤهل علمي  و كذلك ينفي   مزاعمه في المشاركات الوطنية ضد الاستعمار حيث تثبت  السجلات الفرنسية عدم وجود اسمه,  والمعروف أنها  تحوي اسم كل الموقفين   بالأعمال المعادية للإستعمار . ولا ينكر الكتاب بعض أوجه الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ازدهرت بعهد بن علي . وعلى الرغم من جهود السلطات التونسية لحظر الكتاب  لم يستطيعوا منع نشره في فرنسا  و عربياً تم منع النسخة العربية من سوريا, والأردن, بينما فشل  منعها  في لبنان.

 

بعد مهد الثورة تونس  نذهب للأم مصر رغم أن حجم حرية النشر واسعة مقارنة بباقي الدول إلا أن الثورة واعتصام التحرير جعل المكتبات  تعرض الكثير من الكتب  الممنوعة

و تم بيعها بأسعار مرتفعه, ومن أهم هذه الكتب كما ذكرت صحيفة اليوم السابع كتب ( د.عبد الحليم قنديل) -المنسق العام لحركة كفاية- أهمها “ضد الرئيس”،و “كارت أحمر للرئيس”، وكتاب “الرئيس البديل” ,وكتب( إبراهيم عيسى)  خاصة رواية ” مقتل الرجل الكبير”,و الكتب  التي تحدثت عن عبّارة السلام 98، ومذكرات (سعد الدين الشاذلي) .

 في ليبيا ,حيث   المنع والقمع وبالتالي  إزدياد  عدد الكتب التي طفت على السطح بعد وأثناء الثورة في تقرير مصور لقناة الجزيرة  تحدث أصحاب المكتبات عن الكتب الممنوعة بليبيا,و أهمها كتب تاريخ ليبيا والملك إدريس السنوسي, والكتب الدينية  حيث يحصل الليبيون  على الكتب الدينية من تونس والسعودية وتُصادر منهم في المطارات حال ضبطها فما أن قامت الثورة حتى ظهرت هذه الكتب و سارع الناس لاقتنائها .

 

 ما بين منع الكتب والسماح بها هناك حرق للكتب تم  في سوريا  حيث  حُرقت  كتب الشيخ” البوطي “بسبب تأيده للنظام ومعاداته  للحراك الشعبي  كما ظهر في  فيلم مرئي بموقع ” اليوتيوب” ومن كتبه  التي تم حرقها   :كبرى اليقينيات الكونية, و الامذهبية, و فقه السيرة النبوية , وغيرها ..

 

لم يكن أثر الثورات على الكتب والنشر في الدول التي قامت بها الثورات فقط  فقد أصدرت السلطات السعودية في شهر -فبراير- 2011 أمر  بسحب كتب سيد قطب و البنا  من مكتبات المدارس وأجرت قناة العربية  اتصال مع السيد ” آل زلفة ” -العضو السابق بمجلس الشورى- وضح فيه أن هذه الكتب تحرض على العنف والتزمت وضرب مثل بفتاوى إبن تيمية, وكتب محمد ,وسيد قطب, والبنا وكذلك كتب الأخوان الذين رسموا خطة التعليم في السعودية منذ ثلاثة عقود . ومالم  يذكره ال زلفة هو ما تحتويه هذه الكتب من حديث حول  أنظمة الحكم  ..

وبينما  تأثرت  السلطات في السعودية بالمنع  كان التفاعل الشعبي في السعودية بالإقبال على كتب تاريخ و تحليل الثورات حيث كان معرض الرياض الدولي للكتاب في شهر ” مارس ” بعد نجاح ثورتي مصر وتونس , و  قد كتب الدكتور.حامد الأحمري مقال بعنوان ( ثلاث كتب عن الثورة ) أوصى القراء باقتنائها وهي : ” تشريح الثورة” لكرين برينتن –دار الفارابي-, و ” عشرة أيام هزت العالم “لجون ريد- دار الفارابي-, و ” من الديكتاتورية إلى الديمقراطية “- الدار العربية للعلوم-.

وقد نفذت الكتب التي أوصى بها الدكتور من الدور بعد يومين من مقاله .

 

 

 

 

 

مع كل عهد سيزول سيظهر ما كان ممنوعاً ويُمنع كتب جديدة وهكذا.. وسيظل ما يمنع في روما يستحق القراءة ويبحث الناس عن الحرية  والقارئ يريد حرية النشر واقتناء الكتب بدون وصاية  .